{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}يقول تعالى: ودلالة لهم أيضًا على قدرته تعالى: تسخيره البحر ليحمل السفن، فمن ذلك- بل أوله- سفينة نوح، عليه السلام، التي أنجاه الله تعالى فيها بمن معه من المؤمنين، الذين لم يبق على وجه الأرض من ذرية آدم غيرهم؛ ولهذا قال: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} أي: آباءهم، {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} أي: في السفينة الموقرة المملوءة من الأمتعة والحيوانات، التي أمره الله أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين.قال ابن عباس: المشحون: المُوقَر.وكذا قال سعيد بن جبير، والشعبي، وقتادة، والضحاك والسدي.وقال الضحاك، وقتادة، وابن زيد: وهي سفينة نوح، عليه السلام.وقوله: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ}: قال العَوْفي، عن ابن عباس: يعني بذلك: الإبل، فإنها سفن البر يحملون عليها ويركبونها.وكذا قال عكرمة، ومجاهد، والحسن، وقتادة- في رواية- عبد الله بن شَداد، وغيرهم.وقال السدي- في رواية-: هي الأنعام.وقال ابن جرير: حدثنا الفضل بن الصباح، حدثنا محمد بن فضيل، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: تدرون ما {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ}؟ قلنا: لا. قال: هي السفن، جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها.وكذا قال غير واحد وأبو مالك، والضحاك، وقتادة، وأبو صالح، والسدي أيضًا: المراد بقوله: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ}: أي السفن.ويُقَوِّي هذا المذهب في المعنى قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 11، 12].وقوله: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ} يعني: الذين في السفن، {فَلا صَرِيخَ لَهُمْ} أي: فلا مغيث لهم مما هم فيه، {وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ} أي: مما أصابهم. {إِلا رَحْمَةً مِنَّا} وهذا استثناء منقطع، تقديره: ولكن برحمتنا نسيركم في البر والبحر، ونُسَلِّمكم إلى أجل مسمى؛ ولهذا قال: {وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} أي: إلى وقت معلوم عند الله.